الأحد، 10 نوفمبر 2013

مثال من كتابات العصر الرومانى ( أسفار المكابيين) وخاتمة الجزء الثانى

 مثال للكتابات فى العصر الرومانى اليونانى الهيلينستى

وجهى عمله يظهر على وجهيها "أنطيوخوس أبيفانيس" الذى بدأت فى أيامه أحداث المكابيين

المكابيون 

عندما قام الإسكندر الأكبر المقدونى ٣٣١  – ٣٢٣  ق. م بمحاربة الفرس وهزيمة داريوس الثالث "كودومانوس" عام ٣٣١  ق. م  لم تكن لديه نية لمحاربة شعوب الشرق فى تلك المســـــتعمرات التى كانت تابعة للفرس ومن بينها مصر وشمال إفريقيا ومنطقة سوريا كلها ، ولكن جــــــــيوشه كانت تحارب فلول القوات الفارسية التى كانت ترابط فى هذه المناطق ، فى الوقت الذى كانـت فيه الشعوب تنظر إليه بوصفه المنقذ والمخلص لهم من هذه السلطة الفارسية الغاشمة .
وفى الواقع فإن أحداث التاريخ فى الفترة التى كانت سابقة على الغزو الفارسى كانت مُهيِـئَةٌ لهذه الشعوب للتوصل إلى تصور إمكانية وجود مثل هذه العلاقة المتفاعلة بينها وبين الثقافة اليونانية فلا ننسى أن الأسرة التاسعة والعشرين التى حكمت مصر كانت يونانية وأن
"نختانبو" وهـو من الأسرة الثلاثين حكم مصر من نوفمبر٣٧٨ ق. م ، وأنه قضي معظم فترة حكمه مدافــــــــــعاً عن مملكته من محاولات الفرس لإعادة غزو مصر، وكان ذلك بدعم في بعض الأوقات من"إسبرطه" أو"أثينا"وأن الفرس قد إحتلوا مصر فى عهد ابنه "نختانبو الثاتى"بعد العديد من المحاولات .
فقد
كانت هناك خلفية وأرضية مشتركة بين الثقافات الشرقية والأمة اليونانية مما ســـــهل مهمة  الإسكندر بالقيام بعملية الغزو دون مشقة كبيرة .
ولقد إستمر الإسكندر الذى قدَّم  نفسه بوصفه إبنآ لآمون معبود المصريين فى مصر ، كــــما إتَّبع من أتى بعده من بطالمة  وسلوقيون  سلوكيات وسياسات فى محاولة للتوصل إلى صيـــــغ ثقافية مشتركة بينهم كغزاة وبين مواطنى المستعمرات الشرقية تتراوح بين التصادم والمـــــهـادنة فيما أصطلح عليه المؤرخون بتسميته العصر الهيلينستى وعلى سبيل المثال نجد
"أنطيوخـــــــــــوس أبيفانيـس"أو أنطيوخوس الرابع عام ١٧٥  ق. م فى محاولة الوصول لهدفه هذا يحاول إجــــــبار  اليهود بممارسة معينة ضد مبادئهم الدينية والثقافية بقصد المزج بين ثقافته والثقــــــافة المحلية للمجتمع اليهودى فلقد أمر بصفته ملكآ، "متاتيا"الكاهن اليهودى بأن يقوم بتقديم ذبيحــــة للوثن فى الهيكل اليهودى بعدما أدخل فيه تمثالآ للآلهة إستكمالآ لما كان يعتزمه الحكام بدمـــج الثقافات أو الأديان الشرقية بنمط هيلينستى مشترك ، فرفض"متاتيا" .
 بيد أن هنالك رجلآ يهوديآ تقدم لتنفيذ هذا الأمر بديلآ عن "متاتيا" فقام الكاهن بقتله وقتل نـائب الملك الذى جاء لتنفيذ هذا الأمر ، ثم هرب إلى الجبال  ، فقام "أنطيوخوس" بمحاربته بإسـتغلال  ما عرفه عن عقيدة اليهود بخصوص بتقديس يوم السبت ، فإختار وحدد يومآ  للحـــــرب فى أحد أيام السبت فتمكن من  الإنتصار عليهم وقتل منهم نحو ألف يهودى.
 ومن ثم فقد كون"متتيا"الكاهن حوله جماعة من قومه من الحشمونيين لمقاومة الغزاة فـــقاموا بتحطيم المذابح الوثنية وعندما توفى تولى ابنه الثالث "يهوذا" المكابى  مكانه فقاد هــــــــــؤلاء "الحشمونيين" او الغيورين لمحاربة السلطة الرومانـية على غرار ما فعله "جدعون" المـذكور فى سفر القضاة من قبل  ، وكان أنطيوخوس منهمكآ فى حربه مع "باريثيان*٢٨٤ " و" ليسياس *٢٨٥ " الوصى على العرش ، فلم يكن أمامه من خيارات سوى مهادنة يـهوذا والإنـــــسحاب من مقاومته  ، فقام يهوذا بهدم الأوثان التى وصلت حتى إلى الهيكل  ، وبالتالى طهر أورشـــــــــــليم والهيكل من مظاهر الوثنية ، ثم أقام عيدآ لتجديد الهيكل لمدة ثلاثة أيام عام١٦٥  ق. م وإســتعاد العبادة فى الهيكل راجع مكابيين  الأول ٤  ورفع شعار"قاوم اليوم من أجل إخــــــوتك" راجـــــع مكابيين الأول 5 : 32 وجهز مع شقيقه"يوناثان"حملة عسكرية عبر الأردن  بينما توجه شقيقه "سمعان"بحملة أخرى نحو الجليل  ، ثم مات "أنطيوخوس" عام ١٦٤  ق. م ، فحــــــاول يهوذا الإستيلاء على قلعة "عكرا*٢٨٦ " السريانية فى أوروشليم  وهى رمز التواجد والســـــلطة عند السلوقيين ، وكان بإعتلاء"ديميتريوس الأول*٢٨٧"خلفآ لأنطيوخوس أنه حاول إستمالة "ألكيموس *٢٨٨" رئيس الكهنة الذى كان من اللاويين من بين الهارونيين وكان يلتف حـــــوله الكثيرون من المؤيدين له ، لأجل هذا النسب الذى ميزه ، ولكن بعد فترة قصيرة بدأ السلوقـــيون يشعرون بالخطر الداهم  وخصوصآ بعدما إنتشرت القوات اليهودية فحســــــم السلوقيين المسألة بعد عِدةِ معارك إنتهت بقُتِل "يهوذا" بواسطة"نيكانور"عام ١٦١  ق. م  ليتولى مكــــــــانه لقيادة الجماعة شقيقه الأصغر"يوناثان"الذى إعتبره" ألكساندر بالاس*٢٨٩ " بوصفه (أى) يونــــاثان يُجمِع بين رئاسة الكهنوت وقيادة القوات العسكرية والحُكم اليهودى عام ١٥٣ ق. م بـــيد أنه تم قتله عام ١٤٣  ق. م بواسطة قائد الجيش السلوقى "تريفون" الذى تظاهر بالتحــالف معه من قبل وتولى مكان يوناثان "شمعون*٢٩٠ " أو سمعان وهو آخر أبناء "متتيا" أو متتياس الذين ثاروا ضد السلوقيين وقد قام بتحرير اليهودية من نير الحكم السلوقى الأصنامى (راجع مكابـــيين الأول ١٣  : ٤١  ) كما أتم طرد السلوقيين من قلعة عكرا وعاشت المنطقة فترة من الســــــلام فى عهده فقد عاشت المنطقة فى عهده فى رواج تجارى وسلام شامل يشابه الفترة التى عاشتها ايام الملك سليمان ولكن تم قتله بواسطة نسيبه عام ١٣٥  ق. م  فتولى ابنه"يوحنا هركانوس *٢٩١ "الذى إضطر للمهادنة مع السلوقيين ومات عام ١٠٤  ق. م  حيث أعلن ابنه " أريستوبولوس٢٩٢ *نفسه ملكآ بلقب ملك وكان بموته عام ١٠٣  ق. م بداية لتنامى إستعراض روما لقوتها العــسكرية  ونهاية عصر الحشمونيين الذين أطلق عليهم إسم المكابيين عام ٣٧  ق. م ببداية عـــــــصر أسرة هيرودس الموالى لروما .
ويطلق على هذه الفترة من العصر الهيلينستى فى فلسطين إسم"عصر المكابيين" ، وهو اللـــقب الخاص بيهوذا أول زعماء هذه الفئة من الحشمونيون الغيورون أولئك الذين قادوا حـــــــــــروبآ للعصابات ضد المحتل الرومانى وضد ثقافته وفكره ومعتقداته التى كان يحاول دمجــــها مع الفكر والثقافة اليهودية ، وهناك كتابات عديده تمت فى هذه الفترة أطلق عليها الباحثون إسم كتـــــابات مكابية على سبيل التعميم غير أن هناك خمسة كتب بالذات هى التى أطلق عليها أسم أســــــــــفار المكابيين وهى كما يلى :
أولا- سفر المكابيين الأول :

من المحتمل أن تكون التسمية "مكابيين" كانت تطلق على المكابــــــــيين الثاني فقط ، وذلك لأن يهوذا– كان هو الملقب بالمكابي- وهو الشخصية البارزة في المكـــــــــابيين الثاني، بينما يقاسمه إخوته فى الأحداث المذكورة في المكابيين الأول .
ويؤكد "يوسيفوس" المؤرخ اليهودى *٢٩٣  أن "متتياس" وهو والد يهوذا وإخوته الأربعـــة ، كان من نسل"حسمونس"أو حشمونش ، والتلمود يشير إلى هذه الــعائلة الشهيرة بإســــــــــــــم "الحسمونيين" ، فمن المحتمل أن العنوان الأصلي للسفر، كان"ســــفر بــــــيت الحسمونيين" .
 ولقد إستخدمه"يوسيفوس"كأحد المصادر التاريخية.
كما أطلق"أوريجـانوس"على سفر المكابيين الأول ( ويبدو أنه كان السفر الوحـــيد الذي عرفه من أسفار المكابيين ) إسم "سـار بيت سابا نويل"وهي عبارة تبدو أرامية محرفة من الكلمـــــــــــات الأرامية "سفر بيت الحشمونيين" غير أن كافة كتابات أوريجانوس لا يقتبس فيها من هذا السفر بما يفيد إعترافه بقانونيته ولكن على سبيل الإستشهاد بأحداث تاريخية فقط فكان يُطلِقُ عليه هذا الإسم على غرار ما كان يجرى على ألسنة الكتبة"الربيون".
 أما في المخطوطات اليونانية، فتسمى كل كتابات هذه الفترة بإسم"المكابيين". ولم يُتَرجَـــــم في الفولجاتا اللاتينية ، إلا السفران الأول والثاني .
والاسم"المكابي"هو كما عرفنا كان لقبآ ليهوذا يهتم ويفيض ذكره فى سفر المكابيين الــــــــثاني ولكن هذا اللقب أصبح يطلق على كل الأسرة ومعناه المطارق*٢٩٤ كما تعنى المُقتَلعين*٢٩٥ 
قانونية السـفر :
رفض مجمع يمنيا اليهودى الذى يُعتَبَرُ مرجِعآ لقانونية أسفار العهد القديم عــــام ٩٠  ق. م إدراج السفر ضمن قائمة الأسفار القانونية هو وكافة الإسفار المكابية بناء على :
  ١ - إنعدام وجود أصل عبرانى لهذه الكتب
٢ - بالإضافة لعدم معرفة وتحديد اسم كاتبها
٣ - ولا نسبته للكتبة الموحى إليهم
٤ - كما وجدوا فى محتويات هذه الكتابات الكثير من الأخطاء الفكرية والعقيدية التى تشـــــــير أنه وبالرغم من أنها كتابات تشير للثورة اليهودية على الثقافة والأمة التى إستعمرتهم إلا أن هــــناك شيئآ من عقيدة هؤلاء قد تسربت إلى هذه الكتابات .
والجدير بالذكر أنه لم تظهر النسخة اليونانية ضمن الترجمة السبعينية التى تضم هذا السفر إليها 
إلا فى القرن الرابع الميلادى أى بعد الميلاد*٢٩٦ 
وأما الفولجاتا فهى لا تحتوى إلا على السفرين الأول والثاني*٢٩٧  ، ومع أن فيلو*٢٩٨  يقتبـــس الكثير من المحتويات التى كانت موجودة فى عصره من الكـــتابات المعروفة فى عصره إلا أنه لم يقتبس حتى إقتباسآ واحدآ من هذه الأسفار.
 ومجمع ترنت لم يعترف إلا بالكتابين الأولين  . وقد إقتبس منه"ترتلـــيان"المتوفى فى ٢٢٠ م. ، و"أكليـــــمندس الاسكندري"المتوفي حوالى ٢٢٠ م، و"هيبوليــــــــــتس"المتوفى فى ٢٣٥ م. ، و"أوريجانوس"المتوفى في ٢٥٤ م .. إلخ  ونلاحظ أن إقتباســـــــــات هؤلاء كانت محصورة فى الإستشهاد بالحوادث التاريخية دون الإقرار بقداســــــة محتواه الفكرى الذى ينطبق على الكتابات المقدسة  وخير شاهد من بين هؤلاء كان"أوريجانوس"الذى قال "إن سفر المكابيـين الأول ليس سفراً قانونياً".
 كما أنه لا يذكر في قائمة الأسفار القانونية كما ذكرها"أثناسيوس"المتوفى في ٣٧٣ م. ، كمـا لم يذكره"كيرلس الأورشليمي"المتوفى في ٣٨٦ م. ، ولم يعترف به"أغريغوريوس النازيـــــنزي" المتوفى في ٣٩٠ م فى قصيدته التى نظمها عن الكتب القانونية فى العهدين القديـم والجديد ، وقد عمل بالمثال "أمفيلوخيوس"٣٧٤  م*٢٩٩  فى قصيدته التى نظمها لنفس هذا الــــــــغرض ، وفي الواقع لم يعتبر أي سفـر من أسفار المكابيين سفراً قانونياً ، قبل مجمع ترنت (١٥٥٣ م. )*٣٠٠  ، الذي منح هذا الوضع للسفرين الأول والثاني فقط ، والظاهر أن ســـــبب هذا الإعتراف هو لأنـه تصادف وجوده ضمن الترجمة اللاتينية الفولجاتا التى تمت ترجمتها فى عصر حديـــــــث ولكـنها كانت مصدر الأمة اللاتينية للتعرف على الكتب المقدسة .
محتويات السفر :
 يعطينا السفر أول كل شئ لمحة سريعة عن حكم الاسكندر الأكبر وتقسيم مملكته عند موتـــه بين قواده. وهكذا ذُكر أصل الأسرة السلوقية. ثم يبدأ في تقديم تاريخ الأمة اليهودية من وقت تـــــولي أنطيوخس الرابع عرش سورية (١٧٥ ق.م.) إلى موت سمعان المكابي (١٣٥ ق.م. ) ، فــــيروي أحداث هذه الأربعين السنة على التوالي تقريباً. ومحتويات سفر المكابين الثاني ، فتتناول نــــفس الأحداث. ولكننا نستطيع أن نرى بسهولة الفرق في طريقة السرد البسيطة في المكابــيين الثاني ، فالانتصارات المنسوبة لبطولة وشجاعة المكابيين فى السفر الأول ، تنسب إلى عـــوامل خارقة ، لتدخل الله ، في المكابيين الثاني (ارجع إلي ١ مـك ٤ : ١ و٢ مــك ٨ : ٢٣ , ٢٤  ).
ويمكن تقسيم سفر المكابيين الأول إلى الأقسام الآتيـة:
(١ ) ١ : ١ - ١  : ١٠   قصة اعتلاء أسرة السلوقيين لعرش سورية.
(٢ ) ١ : ١١ - ١٦ : ٢٤  تاريخ اليهود من ١٧٥ ق.م. إلــى ١٣٥ ق.م.                          
 أو من  ١ : ١ حتى عدد ٦٤  عبارة عن مقدمة يقول فيها أن بعض اليهود مالوا إلى تبني العــــوائد اليونانية. وكان هدف أنطيوخس مزدوج فى محاولة هزيمة مصر والقضاء على الديانة اليـهودية باعتبارها أساس تمرد اليهود . ولأجل تنفيذ هدفيه قام بتنجيس هيكل اليهود وبسبب هذا إستشهد الكثيرين من اليهود الأمناء.
ومن٢ : ١ حتى ٢  : ٧٠   ثورة متتياس كاهن مودين.
ومن ٣ : ١ -٩ : ٢٢ - قيادة يهوذا المكابي بعد موت أبيه، وانتصاراته الباهرة على الــــــسلوقيين-
تطهير الهيكل – موت أنطيوكس الرابع (إبيفانس ) واعتلاء أنطيوخــــــــــس الخامس ( أوباتور-١٦٤ ق.م. ). تولى ديمتريوس الأول عرش سورية، وألكيمس اليهودي والرومان. هزيمة الـيهود في"لاشع" وموت يهوذا المكابي (١٦١ ق.م.)
ومن ٩ : ٢٣- ١٢ : ٥٣ - انتخاب يوناثان الابن الخامس لمتتياس، للقيادة ليحل محل أخـــيه يهوذا. يوناثان يصبح رئيساً للكهنة. تحقيق الاستقلال السياسي لليهودية.
ومن ١٣ : ٣١ -١٦ : ٢٤ - تحطيم "سمعان"شقيق يوناثان الذي تميـز بالسلام والازدهار، وتـولى ابنه"يوحنا هركانــس"عام ١٣٥ ق.م.
أهمية السفر تاريخيآ كمصدر للتاريخ  :
يكاد العلماء يجمعون على أن كاتب سفر المكابيين الأول أعطانا تاريخاً صحــيحاً ودقيقاً، فأسلوبه البسيط الصريح يوحي بالثقة، ولا يترك مجالاً للشك في أنه يقدم لنا تاريخا من مــــــنابعه الأولى، كشاهد عيان عن الفترة التي يغطيها (١٧٥ -١٣٥ ق.م.) . وهو أول تاريخ يهودي يؤرخ للأحداث من نقطة ثابتة، وهي بدء تولي الأسرة الـــــسلوقية الحكم ، أي من عام ٣١٢  ق.م. كما أنه يشير كثيراً إلى معونة الرب لهم ( ٢ : ٥١ -٦١ ،٣ : ١٨ ،٤ : ١٠ , ١١ ، ٩ : ٤٦ ، ١٦ : ٣  ).
وتوجد في سفر المكابيين الأول صلوات وأحاديث ووثائق رسمية مثل تلك التى في ســـفري عزرا ونحميا، وليس ما يدعو للشك في صحتها .
فبالنسبة للصلوات فهى فى  ٣ : ٥٠ -٥٤ ، ٤ : ٣٠ -٣٣ .
وأما الأحاديث فهى فى  ٢ : ٧ -١٣   ، ٢ : ٥٠ -٦٨ ، ٤ : ٦ -١١ .. إلــخ .
وليـس ثمة سبب قوي للشك في أصالتها .
ولكن يوجد في السفر عدد كـــــبير من الوثائق الرسمية مما يدفع بالكثير من النقاد الآن للشك في صحتها.
وهذه الـوثائــق هـــي :
١  - كتاب يهود جلعاد إلى يهوذا (٥ : ١٠ -١٣  ).
٢  - المعاهدة بين الرومان واليهود، التى كتبت على ألواح نحاسية وأرسلت إلى يهوذا ( ٨ : ٢٢ -٣٢  ).
٣  - رسالة من الملك الاسكندر إلى يوناثان ( ١٠ : ١٨ -٢٠  ).
٤  - رسالـة من الملك ديمتريوس الأول إلى يوناثان ( ١٠ : ٢٥ -٤٥  ).
٥  - رسالة من الملك ديمتريوس الثاني إلي يوناثان ( ١١ : ٣٠ -٣٧ ) ومعها خطـــــــــــــــابه إلى لسطانيس ( ١١ : ٣١ -٣٧ ).
٦  - رسالة من الأمير الصغير أنطيوكس إلى يوناثان وتعيينه رئيســاً للكهنــة (١١ : ٥٧  ).
٧  - رسالة من يوناثان إلى الإسبرطيين طلباً للتحالف معــهم ( ١٢ : ٥ -٨ ).
٨  - رسالة من آريوس ملك إسبرطة إلى أونيا الكاهن الأعظم ( ١٢ : ٢٠ -٢٣  ).
٩  - رسالة من الملك ديمتريوس الثاني إلي سمعــان ( ١٣ : ٣٦ -٤٠  ).
١٠ - رسالة من الإسبرطيين إلى سمعان (١٤ : ٢٠ -٢٤  ).
١١ - إقرار من اليهود بالاعتراف بخدمات سمعان وإخوته ( ١٤ : ٢٧ -٤٥  ).
١٢ - كتب من أنطيوكس السابع ( سيدتس ) إلى سمعان ( ١٥ : ٢ -٩  ).
١٣ - رسالة من لوكيوس قنصل ( وزير ) الرومانيين إلى بطلماوس ملك مصر ، يطـــــــــلب فيها حماية اليهود (١٥   :١٦ -٢١  ). وأرسلت صورة منها إلى سمعان (١٥ : ٢٤  ).
وفيما مضى لم تكن هذه الوثائق موضع شك ، كما لا تزال فى الدوائر الرومانية. وعلى أي حــال، فهي ليست سوى ترجمات عن ترجمات أخرى، لأنها لابد كتبت أصلاً باليونانية واللاتينـــــــــــية، وترجمها الكاتب إلى العبرية. وما لدينا الآن إنما هو ترجمة يونانية للترجمة العبرية. ولكن معظم العلماء الآن يرفضونها على أساس أنها تدعي صدورها من الرومان( الرسالتان ٢ ، ٣  )، ومـــن الإسبرطيين (الرسالتان ٨ ، ١٠  )، وكذلك رسالة يوناثان إلى الإسبرطيين (الرسالة٧ )، فهى غير دقيقة تاريخياً ، إذ كيف يمكن لقنصل واحد أن يصدر مرسوماً باسم الجمهورية الرومـــــــــــــانية ( الرسالة ١٣  ) ؟ وفي الرسالة الثامنة يكتب ملك الإسبرطيين نيابة عن شعبه إلى أونيا رئيـــــس الكهنة ، بينما يكتب الولاة عن الإسبرطيين نيابة عن شعبه إلى سمعان ( الرسالة ١٠  ) ، فلمـــاذا هذا الاختلاف ؟
وعلاوة على ذلك فإنه في ١٢ : ٢١  يقول إن " الإسبرطيين واليهود إخوة من نسل إبراهــــــــــيم " وكذلك في ١٤ : ٢٠ ، وهو ما يجافي الحقيقة.
 ومع أن هذه الوثائق والبعض غيرها يمكن إثبات عدم أصالتها في وضعها الحــــالي، إلا أنه يبدو أنها دليل على حدوث مفاوضات من هذا النوع، أي أن اليهود كاتبوا الرومانيين والإسبرطيين. وأن يهود جلعاد كتبوا رسالة خطية إلى يهوذا (الرسالة " ١ ") . ولا شك في أن ألكــسندر بالاس كتب إلى يوناثان .. إلــخ، ولو أن كاتب سفر المكابيين الأول يكتب بأسلوبه الخاص ، ويصـــــــبغ العبارات بتوجهاته الدينية والقومية.
من هو الكاتب وماذا كان هدفه من الكتابة
 مع أننا نجهل اسم الكاتب ، إلا أن السفر نفسه يحمل الدليل القاطع على أن الكــــــاتب كان ينتمي للصدوقيين الذين كانوا الحزب المقبول عند الأسمونيين أو الحشمونيين . وواضــــــــــح أن هدف الكاتب كان تاريخياً وقومياً ، ولكن توجــــــــــيهاته الدينية واضحة بطريقة مباشرة، وطريقة غير مباشرة ، وعلى سبيل المثال :
١ - لا يشير إلى الله إلا"بإلــــه الـسماء" ( ٣ : ١٨  )، أو"الـسماء"فقــط (٣ : ١٩ , ٥٠ , ٦٠ , ٤ : ١٠ , ٥٥  ،١٢ : ١٥  .. إلـــخ ) ، وهو ما يتفق مع توجهات الصدوقيين.
٢ -إن الكاتب شخص محب لوطنه ومتدين يعتقد أن شعبه هم الذين اختارهم الله ليحقق بهم أهدافه
٣ - إنه ناموسي مدقق يعتقد أن من واجب كل يهودي أن يحفظ الناموس ووصـــــــاياه ( ١ : ١٦ , ٢٥ , ٤٨  , ٤٩  ,٥٥ ,٦٠  , ٦٣ ، ٢ : ٢٠- ٢٢ , ٢٧ , ٤٢ , ٤٦ ,٤٨ , ٥٠ ، ٣ : ٢  .. إلــخ). ويستنكر كل محاولة لإجبار اليهود على تدنيس السبت والأعياد (١ : ٤٥ ). وأكل طعام غير طاهر ( ١ : ٦٥ )، والذبح للأوثان ( ١ : ٤٥ ). ومع ذلك فإن التساهل النسبي فى حفظ السبت ( ٢ : ٤١ ) يتفق مع ما قاله الرب يسوع من أن السبت إنما جُعل لأجل الإنسان ، لا الإنسان لأجل السبت (مـر ٢ : ٢٧ )، وهو ما يتفق أيضاً مع رأي الصدوقيين، ولكنه يتعارض مع رأى الفريسيين.
٤ - يبين السفر أن عصر الوحي قد انتهى ، وأن الأسفار المقدســـــــة التي كانت في أيديهم ، هي المصدر الوحيد للتعزية في الحزن والضيق ( ١٢ : ٩  ).
٥ - لم تكن رياسة سمعان للكهنوت موضع تساؤل ، رغم تعارضها مع ما جاء في الشريعة من أن الكهنوت وقف على سبط لاوي، بل وعلى عائلة هرون فحسب ، وهو ما يتفق مع التوجيـــــــهات العامة للصدوقيين.
٦ - لا توجد بالسفر أي إشارة إلى الرجاء المسياني ، رغم كل ما جاء عنه في الأنـــبياء، وما كان يؤمن به الفريسيون. وما جاء فى ٢ : ٤٧  إنما يشير إلى الاعتقاد بأنه يوما ما ستــملك أسرة داود . ولعل الكاتب كان يرى أن هذا الرجاء كان قد تحقق في الأسمونيين.
٧ - لا توجد بالسفر أيضاً أي إشارة إلى التعليم بقيامة الأموات أو الى التعليم بخلود النفــس، رغم أننا نعلم أن اليهود في ذلك الوقت كانوا- بعامة- يؤمنون بالأمــــــــرين ( ارجع إلى دانيـال ٢ : ٣ ، ٢ مك ٧ : ٩ , ١١ , ١٤ , ٢٩  ). ونحن نعلم أن الفريسيين كانوا يؤمنون بالقيامة ( أع ٢٣ : ٦  ). وقد خاض المكابيون المعارك ، وواجهوا الموت بلا خوف، لانهم كانوا يؤمنون بذلك.
كل هذه الأمور في سفر المكابيين الأول تجعل من المرجح جداً أن الكاتب كان من جمـــــــــــــاعة الصدوقيين.
زمن كتابته  
سفر المكابيين الأول كتب قبل الغزو الروماني بقيادة"بومبي"، حيث أن الكاتب يقـــــــــــــــول إن الرومانيين كانوا حلفاء بل وأصدقاء لليهود ( ٨ : ١ , ١٢ ، ١٢ : ١ ،١٤ : ٤٠ ). أي أن الـسفر كان قد كتب قبل عام ٦٣ ق.م. وهي السنة التي فتح فيها"بومبي"أورشليم ، فأصـبحت اليهودية ولاية رومانية. علاوة على ذلك ، فإن الأحداث التاريخية المذكورة في السفر ، تنتهى بموت ســــــمعان ( ١٦ : ١٦  ) أي في ١٣٥ ق.م. أي أن السفر كُتب فيما بين ١٣٥ ق.م. ، ٦٣ ق.م. ولـــــــكن ١٦ : ١٨ -٢٤ ، يتضمن أن"يوحنا هركانس"( الذي توفي ١٠٥ ق.م.) ، كان قد خلف سمعان منذ بعض الوقت، كما يرجح بعض العلماء أن 1مك 16: 23، يدل على أن يوحنا هركانس كان قد مات عند اكتمال هذا السفر ، فعبارة "وبقية أخبار يوحنا وحروبه .. "هي العبارة التى تختم عادة بها حـياة الملوك ( ارجع الى ١ مك ١١ : ٤١ ، ٢ مل١٠ : ٣٤  .. إلخ). ونقرأ في ١ مل١٣ : ٣٠  أن النُصُـــب الذي أقامه سمعان في ١٤٣ ق.م. تذكاراً لأبيه وإخوته، كان ما زال قائماً في كتابة السفر ، أي بعد نحو ٣٠  سنة من إقامته ، وهذا يأتي بنا إلى ١١٣ ق.م. علاوة على أن مدح سمعان ( المتوفى في ١٣٥ ق.م. ) ، وحكمه الذي تميز بالسلام ( ١٤ : ٤ -١٥  ) يعطينا الانطباع بأنه كان قد مــــضى الكثير على وفاته.
 وعليه فقد لا نكون قد إبتعدنا عن الصواب كثيرآ لو قلنا أن سفر المكابــــــــيين الأول قد كتب في أوائل القرن الأخير قبل الميلاد أي فى نحو ٨٠ ق.م.
المصادر التى يصرح بها الكاتب لمعلوماته وما يظهر فى محتويات السفر بشأنها
الجدير بالذكر أن الكاتب لا يصرح ولو مرة واحدة بأن مصدر معلوماته كان ناشئآ من أمر إلـــهى مباشر للكتابة أو الوحى بكتابته
ويقول العلماء
*٣٠١   إن سفر المكابيين الأول هو بقلم شخص عاصر كل صراع المكابيـــــين من بدايتـه ، أي أن الكاتب لم يعتمد في كتابته للسفر على مصادر خارجية.
 ورغم ذلك فلابد من القول بأنه كانت لديه مصادره المسجلة بمعرفته، وإلا لما كتب الأوصــــــاف والتواريخ بكل هذه الدقة. ويمكن الاستنتاج بحق من٩ : ٢٢ ،١٦ : ٢٣ ، ومن العادة في العـصور القديمة، أنه كانت توجد سجلات محفوظة في الهيكل أو في أماكن أخرى، ولعلها كانت تشــــــتمل على سجلات الدولة المشار إليها مراراً، والأحاديث والصلوات.
 لكن الكاتب لا يذكر مصادره على خلاف ما فعله كتبة الأسفار التاريخية القانونية في العهد القديم ( أسفار صموئيل والملوك وأخبار الأيام ). ولعل الكاتب كان يحتفظ بنوع من المذكرات الشـخصية ، سجل فيها الأحداث التى عاصرها ، كما أن التقليد الشفوى المحفوظ على شـــكل قصائد وأناشيد كان قطعآ من أهم تلك المصادر وهو ما نسميه بإسم الأصول الفولكلوريه المتوارثهً.
اللغة الأصلية التى تمت الكتابة بها
 يذكر كل من أوريجانوس وجيروم أن في أيامهما كان الكتاب موجوداً باللغة العبرية، والأرجــــح أن المقصود بذلك هي الأرامية الفلسطينية التي كانت تنعكس تعبيراتها فى السفر مثل " سنــــتين من الأيام" ( ١ : ٣٠  )، وشهراً فشهـراً " ( ١ : ٦١  )، " وأهل القلعــة " (٤ : ٢  ) .. .. إلــخ
أصل النص
 لابد أن النص الأصلي لسفر المكابيين الأول كان عبرانيآ حيث يفترض أن كاتبه كان عــــــبرانيآ، ولكنه على ما يبدو قد فقد منذ وقت مبكر جداً، حيث لا دليل لدينا على اســـتعانة أي كاتب به، ولو أن هناك من يقول إن"يوسيفوس"قد استعان به رغم وجود الكثير من الأدلة على غير ذلك.
 أما النص اليوناني الذي أخذت عنه كل الترجمات الأخرى تقريباً، فهو موجود في كل مخطوطـات الترجمة السبعينية التى ظهرت مكتوبة بعد القرن الرابع الميلادى .
وتوجد له ترجمة لاتينية في الفولجاتا ( ترجمة جيروم ) وهي تتطابق- إلى حد بعيد- مع الترجـمة اللاتينية القديمة، وتكاد تكون ترجمة حرفية من اليونانية.
 أما مخطوطة"ساباتييه" التى نشرت في ١٧٤٣  م
*٣٠٢  . فهي ترجمة لاتينية للأصـــــــــحاحات الثلاثة عشر الأولى، ومع أنه من الواضح أنها قد ترجمت عن اليونانية، إلا أنها تخـــــــــتلف عن الفولجاتا في نقاط عديدة.
 والأرجح أنها أقدم من اللاتينية القديمة، ومن ثم فهي أقدم من الفولجاتا.
وتوجد مخطوطتان في السريانية، أفضلهما التي طُبعت فى باريس في النسخة متعددة اللغات. والثانية تختلف عن الأولى فى جوانب كثيرة، وهي موجودة فى إحدى نسخ البشـــيطة ( ١٨٧٦ - ١٨٨٣ م)، مع أنها بدورها مترجمة عن اليونانية. 
ثانياً :- سفـر المكابيين الثانــي:
أول من ذكر وجود هذا السفر بهذا الاسم هو"يوســـــــــابيوس"المؤرخ الكنسي، كما يذكره أيضا "جيروم" بهذا الاسم أيضاً.
قانونية السفر
 في الكنيسة الأولى لم يكن هذا السفر يحظى بنفس التقدير الذي كان للمكابيـــــــــين الأول . وكان "أوغسطينوس"هو الوحيد بين آباء الكنيسة الذي رآه جديراً بالاعتبار،ولكنه لم يـــــــــساوى فى أهميته بينه وبين سائر الكتابات المقدسة فى العهد القديم والظاهر فى قوله الإشارة لأهمـــــــــيته كتسجيل تاريخى ولذلك فقد كان في نزاعه مع الدوناتستيين الذين استندوا إليه، قال عنه إنه سـفر لم يُقبل مطلقاً بين الأسفار القانونية.
 ولكن لوجود سفري المكابيين الأول والثاني في الفولجاتا اللاتينية، فقد اعترفت بهما الكنيـــــسة الكاثوليكية في مجمع ترنت (١٥٥٣ م).
محتويات السفر
  ١ - من ١  : ١ -٢ : ١٩ - رسالتان من اليهود في أورشليم إلى إخوتهم في مصر لحـــــثهم على أن يعيدوا أيام المظال التى فى شهر كسلو وعيد تطهير الهيكل- ١ : ٩ , ١٨  ، وبشكل عام أن يحفظوا الشريعة التى أعطاها لهم الله على يد موسى . ويبدو أن الدافع كان هو غرس محبة يهود مــــصر للهيكل فى أورشليم وتقديسه، إذ كانوا معرضين للانصراف عنه للهيكل الذي أقامــــــــــــــــوه فى "ليبونتوبوليس" في مصر. ولا علاقة لهاتين الرسالتين بباقى أجزاء السفر. وواضـــــــــح أنهما زائفتان. ولا شك فى أنه بعد كتابة سفر المكابيين الثاني ، قام الكاتب أو شخص آخر بكتابة هاتين الرسالتين ووضعهما في مقدمة السفر.
٢ -من ٢ : ٢٠ -٣٢ . مقدمة لباقي السفر. ويزعم الكاتب أو من قام بتلـــــخيص الكتاب، أن تاريخه (من الأصحاح الثالث إلى نهاية السفر)هو ملخص لخمسة كتب كتبها ياسون القيرواني(٢ : ٢٤ )
٣ - من ٣ : ١ -١٥ : ٣٩  ( نهاية السفر ) تاريخ بدء الحروب المكابية من ١٧٦ ق.م. إلى الــــــسنة الأخيرة من حكم سلوقس الرابع ( فيلوباتور) ، وإلى هزيمة نكانور وموته في ١٦١ ق.م. أي أنــه تاريخ فترة خمس عشرة سنة. ويبدأ التاريخ في سفر المكابيين الثاني قبل التاريخ في المـــكابيين الأول بمدة سنة. وحيث أن سفر المكابيين الأول يصل بنا إلى ١٣٥ ق.م. ( بل وربـما إلى ١٠٥ ق  .م. )، فيكون سفر المكابيين الأول يغطى مدة أربعين سنة على الأقل ، بينما لا يـــــــغطي سفر المكابيين الثاني سوى مدة خمس عشرة سنة. ( ١٧٦ -١٦١ ق.م. ).
 ويمكن إيجازه فـي الآتــي :
١ -من ٣ : ١ - ٤ : ٦ - التصرف الخائن الذي حدث من سمعان البنيامـــــــــيني ضد الهيكل ورئيس الكهنة. والمحاولة الفاشلة التي قام بها هليودورس مندوب الملك ، لنهب الهيكل.
٢ -من٤ : ٧ - ٧ : ٤٢ - وهو ما يقابل ما جاء فى ١ مك ١ : ١٠ - ٦٤  مع بعض الاخـــــــــــــتلافات والإضافات الهامة، وتولي الحكم أنطيوخس إبيفانس (١٧٥ ق.م. ) واعتناق بعض اليهود للثقافة اليونانية، واضطهاد اليهود الأمناء، واستشهاد ألعازار والإخوة السبعة وأمهم.
٣ - الأصحاحات٨ : ١٥ و هي تقابل١ مك ٣ -٧  مع بعض الاختلافات الهامة في التفاصـــيل ، وفي العددين الأخيرين من الأصحاح الأخير (١٥ : ٣٩ , ٤٠  ). يقول الكاتب: " فإن كنت قد أحـــــسنت التأليف وأصبت الغرض، فذلك ما كنت أتمنى، وإن كان قد لحقني الوهن، والتقــــــــصير، فإني قد بذلت وسعي وهى شهادة يسطرها الكاتب تفيد بأن كتابه لم يكن بواسطة وحى من الله أو بأمر منه ثم كما أن شرب الخمر وحدها أو شرب الماء وحده مضروهو تعبير غريب شاذ لا يمكن أن يصدر من كاتب فى كتاب موحى به ، وإنما تطيب الخمر ممزوجة بالماء وتعقب لذة وطربا، كذلك تـنميق الكلام على هذا الأسلوب ، يطرب مسامع مطالعي التأليف، وهو كلام ينفي تماماً قانونية الســـفر، إذ هو اعتراف صريح بأنه تأليف بشــري.
المصادر التى إعتمد عليها الكاتب فى كتابته للسفر
 واضح أن سفر المكابيين الثاني – في صورته الحالية- يعتمد على نوعين من المصادرالمكتوبة:
أولها : يقول الكاتب إن ما يكتبه هو ملخص تاريخ كبير كتبه شخص اسمه"ياســـون القيرواني" في خمسة كتب ( ٢ : ٢٤  ). وينكر بعض العلماء وجود ياسون القيرواني هذا الذي كتب تاريـــــخ خمس عشرة سنة في خمسة كتب، وهو أمر مستبعد جداً. ويرى البعض الآخر أن ياســون أو من لخص كتبه، قد استعان بسفر المكابيين الأول مع التغيير والحذف والإضافة- بما يناسب غرضه. والفحص الدقيق لسفر المكابيين الثاني، جعل بعض العلماء يعتقدون أن الكاتب اعتمد اعتماداً كلياً على تقليد شفهي، وهو ما يعلل وجود المفارقات التاريخية والمتناقضات والتعـبيرات غير الدقيقة التي بالكتاب. كما أن العبارات فى سفر المكابيين الثاني غامضة ومختلطة، بينـــــــما هي فى سفر المكابيين الأول واضحة وصريحة.
 فمثلاً نقرأ فى ٢ مك ١٠ : ٣٧  عن مقتل تيموثاوس ، ثم نقرأ في ١٢ : ٢ -٢٥  عن اشتــــــــــــراك تيموثاوس في معركة أخرى.
 كما أن متتياس هو الذي جمع اليهود وأعدهم للمقاومة ضد سورية(١ مك ٢ : ١ -٧٠  )، بينــــــما ينسب سفر المكابيين الثاني هذا الدور لابنه يهوذا (٢ مك ٨ : ١ -٧  ).
 كما أن تطهير الهيكل تم بعد ثلاث سنوات من تدنيسه (١ مك ١ : ٥٧  ، ٤ : ٥٢  )، أما في ســـــفر المكابيين الثاني فقد تم ذلك بعد سنتين فقط ( ٢ مك ١٠ : ٣  ).
ثانيهما:  الخطابان المرسلان من يهود فلسطين إلى اليهود فى مصر ( ١ : ١ -٢ : ١٨  ) يتضــــــح أنهما ليسا جزءاً أصيلاً من السفر، بل من الواضح أنهما زائفان وبهما الكثير من الاخــــــــتلافات والمتناقضات، ففى الخطاب الثاني- وهو أطولهما – نجد قصة موت أنطيوخــس إبيفانس، وهي لا تتفق مع ما جاء فى٢ مك ٩ : ١ - ٢٨ ، ولا مع ما جــاء في ١ مك ٦ : ١ -١٦ . كما يذكـــر فى ٢ مك ١ : ١٨  أن نحميا أعاد بناء الهيكل والمذبح ، وهو العمل الذي قام به زربابل قبل ذلك بـــنحو قرن من الزمان ( عـز٣ : ٣ ،٦ : ١٥  )، أما عمل نحميا فكان ترميم الأسوار والأبـــــواب ( نـح ٣ : ١ -٣٢  ، ٦ : ١ ، ٧ : ١  ). ويقول كاتب الخطاب ( ٢ مك ٢ : ٤ , ٥  ) إن النبي إرميا خبأ في كــــهف في جبل الفسجة ، المسكن وتابوت العهد ومذبح البخور، وهو أمر لا يمت للحقيقة بصلة.
 وواضح أن كاتب هاتين الرسالتين غير كاتب باقي السفر ، لاختلاف الأسلوب، وللمـــــــتناقضات المذكورة آنفاً.
ويرى البعض أن ما جاء في ٢ مك ١ : ١ -٢ : ١٨ ، إنما هو رسالة واحدة وليس رسـالتين ، وهناك من يرى وجود ثلاث رسائل ، ولكن تقسيم هذا الجزء إلى رسالتين هو الأكثر قبولاً.
تقييم السفر تاريخيآ
 ينتمي سفر المكابيين الثاني إلى الكتابات التي تهدف إلى نشر تعليم معين، أو تصـــــويب ما يُظن أنه خطأ.
 ويقدم لنا سفر المكابيين الأول تاريخ الحروب المكابية دون التنويه- كما يجب- بما فــعله الله، بل إن اسم الله قلما يُذكر ، ويستعاض عنه بكلمة"السماء" . كما أن سفر المكابيـــــين الأول لا يشير إلى وجود حياة وراء القبر.
 وبالاختصار ، إن سفر المكابيين الأول – كما سبقت الإشارة – كتب من وجــــــهة نظر صدوقية، التى كانت تنتمى إليها أسرة الأسمونيين، بينما كاتب سفر المكابيــــين الثاني من الواضح أنه كان فريسياً، ولم يكن هدفه تاريخياً بل تعليمياً، أي أن السفر قصة تاريخية ترمي إلى هدف ، هو إبراز الأفكار الأساسية للفريسيين .
 وهناك رأيان متطرفان للدفاع عن القيمة التاريخية لسفر المكابيين الثاني، هما :-
١ - إن سفر المكابيين الثاني هو سفر تاريخى تماماً، وإنه أجدر بالتصديق من سفر المــــــــكابيين الأول، ويجب الأخذ بما فيه عندما يختلف السفران. وهو رأي غالبية العلماء الكاثوليك .
٢ - إن سفر المكابيين الثاني ليس له – في الواقع- قيمة تاريخية إذ إنه كـــــــتب لغير هذا الغرض التاريخي. ولكن غالبية النقاد البروتستانت في العصور الحديثة يقفون بين الفريـــــــقين السابقين المتعارضين، فيعتبرون أن سفر المكابيين الأول أدق كثيراً من سفر المكابـــــــيين الثاني ، ويجب الأخذ به عندما يتعارض السفران أو يختلفان.
 ومن الجانب الآخر، عندما يذكر سفر المكابيين الثاني أحداثاً تاريخية لم ترد في سفر المكابيـــين الأول ، فيجب أخذها على أنها صحيحة ، إلا إذا كانت غير محتملة اطلاقاً، أو ثمة أدلة قوية على عدم صحتها.
 ففي الأصحاحات 3-5 نجد تفاصيل عن الثورة المكابية غير موجودة فى سفر المكابيـــين الأول، ومن الجانب الآخر فإن قصة ظهور"الفرس وعليه راكب كأنها من ذهب"(٢ مك ٣ : ٢٤ -٣٤ ، مع ١١ : ٨ )، وكذلك وصف استشهاد ألعازار الكاتب والإخوة السبعة وأمهم ( ٢ مك٦ : ١٨ - ٣١ ، ٧ : ١ -٤١ ) تبدو بوضوح أنها أساطير ، لا صلة لها بالتاريخ.
 فالسفر كما هو بين أيدينا ، يقدم لنا صورة واقعية للأفكار التي كانت سائدة فى عالم الـــكاتب في وقت كتابنه.
المحتوى التعليمى فى السفر
 يمكن أن يقال بوجه عام أن التعاليم الواردة فى سفر المكابيين الثاني هي تعاليم الفريســـييـن في ذلك العصر.
ويعتبر كثيرون من العلماء أن سفر المكابيين الثاني هو الرد الفريسي على سفر المكابيــين الأول الصدوقي.
ولكن هناك أدلة كافية على أن كاتب سفر المكابيين الثاني لم يكن قد رأي سفر المكابيــــين الأول، ومع ذلك فمن الواضح أيضاً أن سفر المكابيين الثاني يعطي مكانة بارزة للتوجيهات الفريســــــية المميزة، والأرجح أنه كتب بهذا القصــد :
١ - هناك تشديد على حفظ الناموس فى سفر المكابيين الثاني ، بينما يسمح سفر المكابيــين الأول بعدم مراعاة حفظ السبت فى ظروف خاصة ( ١ مك٢ : ٣٩ -٤٨ )، وهو أمر محرم تماماً في سفر المكابيين الثاني (٦ : ٦-١١  ، ٨ : ٢٦ , ٢٧ ، ١٢ : ٣٨ ). ويقول يوسيفوس إن الفريســيين قالوا للوالي بطرونيوس عندما اقترح إقامة تمثال للامبراطور فى الهيكل :
" نموت أفضل من أن نتعدى الشريعة ".
٢ - لم يكن الفريسيون يعيرون الأمور السياسية اهتماماً كبيراً، وكانوا يؤيدون الأسمونيين لأنهم كانوا يحاربون للحفاظ على حرية ممارسة الطقوس الدينية، ولما تهاون الأسمونيون مع مؤيدي الثقافة اليونانية ، انقلب الفريسيون عليهم وعلى أنصارهم من الصدوقيين .
 ولا نجد في المكابيين الثاني ما نجده من مديح بلا حدود لقادة الأسمونيين في المكابيين الأول . كما أنه لا يذكر سلسلة نسب الأسمونيين ولا موت يهوذا المكابي، ولا قبر الأسرة فى مودين.
٣ - يبدي السفر- في ذلك الزمن المبكر – العداوة بين الفريسييـن وحزب الكهنة ، وهو العـــــــداء الذى كان ظاهرآ فيما بعد فى المجتمع والذى يعكسه العهد الجديد خاصة فى الأناجيل. فقد استولى الأسمونيون على رئاسـة الكهنوت رغم أنهم لم يكونوا من نسل هارون ، بل ولا من سبط لاوي. وأصبحت طبقة الكهنة هي الطبقة الارستقراطية وعلى استعداد لقبول الفكر اليوناني والحــــــــياة اليونانية، فكان ياسون ومنلاوس يمثلان الكهنوت .
 وفي قائمة الشهداء ( ص٦ ، ٧  ) لا يظهر اسم أي كاهن ، ولكن يظهر ألعازار من رؤساء الكتبة و الفريسيـين ، وقد كان الكتبة والفريسيين – فى الواقع- حزباً واحداً فى ذلك الوقـــت ، كما كانوا فى زمن العهد الجديد ، وهكذا استشهد ألعازار"تاركاً موته وقدوة"(٢ مـك ٦ : ١٨ - ٣١  ).
٤ - يشغل الهيكل مكانة رفيعة في سفر المكابيين الثاني، كما كان فى رأي الجماعة الأرثوذكـسيــة ( انظـر ٢ : ١٩ ، ٣ : ٢ ، ٥ : ١٥ ، ٩ : ١٦ ، ١٣ : ٢٣  ، ١٤ : ٣١  ). كما يشدد جداً على أهمية حفظ الأعياد ( ٦ : ٦ ، ١٠ : ٨  .. .. إلــخ )، والذبائح (١٠ : ٣  )، والختان ( ٦ : ١٠  )، والـــــــــــشرائع الخاصة بالطعام ( ٦ : ١٨  ، ١١ : ٣١ ). كما يبدو أن الكاتب كان شديد الاهتمام بتـــــــــنبيه قرائه (اليهود في مصـر) بأهمية حفظ العيدين الخاصين بذكرى تطهير الهيكل بعد تدنيـــــس السلوقييـن له، والغلبة على"نكانور"(٢ مك ١٥ : ٢٢ -٣٧ ).
٥ - تظهر في هذا السفر بعض الخصائص اليهودية التى تتفق مع عقائد الفريسيين والكتبة ولكنها تتعارض مع أفكار النخبـة الحاكمـة، فإسرائيل هـم شعب الله ( ١ : ٢٦  )، وهم ميراثه (١٤ : ١٥  ) ، وهو كثيراً ما يتدخل بصور معجزية لصالح إسرائيـل ( ٣ : ٢٤ -٣٠ ،١٠ : ٢٩ , ٣٠ , ١٠ : ٢٩ , ٣٠ ، ١١ : ٦ -٨  )، بل حتى المصائب التى تحيق بالأمة ما هي إلا دلائل على محبة الله، لأنـــــــــها مرسومة لخير الأمـة (٥ : ١٧ -٢٠  )، أما المصائب التى تحيق بالوثنيين فهي عقاب وبرهان على عدم رضى الله عليهـم ( ٤ : ٣٨ ، ٥ : ٩ ، ١٣ : ٨ ،١٥ : ٣٢ , ٣٣  ). كما أن الكاتب يـــعارض- بكل قواه- إدخال العادات اليونانية، وبخاصة إنشاء ساحة للألعاب في أورشليم (٤ : ٧ -١٦ ).
٦ - يعطي هذا السفر أهمية كبيرة لتعليم القيامة والحياة الآتية ( ٧ : ٩ , ١١ , ١٤ , ٣٦ , ١٢ : ٤٣  -٤٥ ، ١٤ : ٤٦  )، وهو الأمر الذي يصمت عنه تماماً سفر المكابيين الأول ، إذ كان الصـدوقيـون ( الذين كان ينتمي إليهم الأسمونيون ) ينكرون القيامـة. بل ويؤكد سفر المكابــــــــــيين الثاني أن القيامة ستكون بالأجساد ( ٧ : ١١ , ٢٣ ، ١٦  )، وأن الحياة الأبدية لا نهاية لها ( ٧ : ٩ , ٣٦  ). وفي هذا السفر بعض العقائد الفريسيـة غير الكتابيـة ، مثل فائدة الصـــــــــلوات من أجل الأموات (١٢ : ٤٤ )، وقوة شفاعة القديسـين (١٥ : ١٢ -١٤ ).
٧ - يشغل التعليم عن الملائكة مكاناً بارزاً في هذا السفر ( ٣ : ٢٤ -٣٠ ، ١٠ : ٢٩ , ٣٠ ، ١١ : ٦ -٨  ).
 وقد قبل الصدوقيون أسفار موسى الخمسة، ولكنهم رفضوا التقليد ،ولم يؤمنوا بوجود الملائكــة ( أع ٢٣ : ٨  ).
٨ - إن صمت سفر المكابيين الثاني عن موضوع الرجاء المسياني، يستلفت النظر،وذلك بالمقارنة بأهميـة هذا الموضوع في مزامير سليمان وغيرها من الأسفار التي كتبت في ذلك العـــــــصر في دوائر الفريسييـن .
من هو الكاتب أو الكتاب وما هو هدفه أو هدفهم فى كتابته
 الرأى الغالب هو أن كاتب هذا السفر هو شخص واحد، وأنه على الأرجح، أحد يهود الإسـكندريه  ممن احتفظوا بولائهم للهيكل في أورشليم –كما يبدو من أسلوبه وعدم معرفته بفلـــــــــــــسطين، واهتمامه البادي بمصر، وكان يرغب في ألا يغترب رفقاؤه عن المقدس في أورشليم و الأعــــياد اليهودية، وبخاصة العيدين الجديدين، وهما " الهانوكة " ( عيد التدشين )، ويوم مقتل نكانور. فقد كان لليهود في مصر هيكلآ خاصآ بهم ، على غير ما يوصي به النامــوس ( تث ١٢ : ٢ -١٨ ، لا ١٧ : ١ -٩  ، ١٩ : ٣  ) ولعل النفوذ المتزايد لهذا الهيكل ( في مصر ) ، هو الذي دفع الكــــــاتب لتدوين هذا السفر الذي يؤكد أهمية الهيكل في أورشليم وطقوسه. وليس ثمة دليل واضـــــح على أنه من مكتوب بواسطة يهوذا المكابي نفسه، أو يشوع بن سيراخ،أو فيلون اليهودي السكندري، أو يوسيفوس كما يظن البعض.
تاريخ وزمن الكتابة
 لابد أن السفر كتب بعـد عام  ١٦١  ق.م. وهي السنة التي يختم فيها السفر تاريخه، بزمــن طويل يكفي لانتشار قصص الاستشهـاد( ص٦ ،٧  ) ، والظهورات المعجزية كما في ٣ : ٢٤  –٣٠  .. إلــخ . ويري البعض أن هناك إشارة إلى سفر أستير في١٥ : ٣٦  ، مما يجعلهم يرجــعون به الى نحو ١٠٠ ق.م. وحيث أنه كتب عقب كتابة المكابيين الأول ، حيث أنه يذكر دفع اليــــــهود للجزية للرومانيين ( ٨ : ١٠ , ٣٦  )، وحيث أن فيلون توفي حوالى ٤٠ م.، وهو يشــــــير الى ما جاء في ( ٢ مك ٤ : ٨ -٧ : ٤٢  ) فلابد أن السفر كتب قبل عام ٤٠ م.، وهذا أمر أكيد حيث أنه ليـــس به أي إشارة إلى خراب أورشليم والهيكل (٧٠ م. ) ، فالمدينة كانت ما زالت قائمة والخدمات في الهـيكل جارية (٣ : ٦ -١٢ ).
 ولا شك أنه فيما جاء فى الرسالة إلى العبرانيين(١١ : ٣٥ , ٣٦ ) يتردد صدى ما جاء في ســـفر المكابيين الثاني .
 إن تعليم السفر بعامة يمثل آراء الفريسييـن في منتصف القرن الأخير قبل الميلاد ، ولعل٤٠ ق.م. هى التاريخ الذي يتفق مع كل هذه الأدلة.
اللغة الأصلية التى يرجح كتابته بها
 واضح من سلاسة الأسلوب اليوناني ، أن الأرجح أنه كتب أصلاً باليونانية، إذ يكاد يخــــلو تماماً من الصيغ العبرية ، فيما عدا الخطابين المذكورين فى فاتحة السفر ( ١ : ١ - ٢ : ١٨  ) الذيــــــــن يرجح أنهما منقولان عن العبرية.
ثالثا : سفر المكابيين الثالث:

رغم أن هذا العنوان للسفر موجود في أقدم المخطوطات والترجمات، إلا أنه لا يتفق مع موضـوع السفر، فالسفر يذكر أحداثاً تسبق العصر المكابي، كما يروي أحداثاً لم يكن للمكابيين دور فيها. فهذا السفر يروي آلام اليهود الأمناء وانتصاراتهم المشابهة لآلام وانتصارات المكابيين. ولعـــــل كلمة"المكابيين"صارت فى ذلك العصر تطلق بشكل عام للدلالة على كل الذين تألمـــــوا في سبيل إيمانهم.
 ويرى البعض أن هذا السفر كتب أساساً كمقدمة لسفري المكابيين الأول والثاني. ولكن محتويات السفر لا تتفق مع هذا الرأي. ولعل"العنوان"كان خطأ من ناسخ السفــر.
قانونية السفر
 لم يعتبر هذا السفر أبداً سفراً قانونياً في الكنيسة الغربية أو الشــرقية ، كما يتبين ذلك من حقيقة عدم وجوده في جميع مخطوطات الفولجاتا ، كما لم يدرجه مجمع ترنت في الأسفار القانونــــــية، ومن ثم فهو لا يوجد بين أسفار الأبوكريفا عند البروتستانت ، التي لا تضم سوى المكابيين الأول والثاني. ولكن سفر المكابيين الثالث يوجد في نسختين(بالخط الكبير)من الترجمة السبعينية(هــما : النسخة الاسكندرية، والنسخة الفينيسية)كما يوجد في البشيطة(السريانية)القديمة.
تاريخ كتابة السفر والتاريخ الذى يتحدث عنه محتواه
 لا يحتوى السفر إلا على القليل من التاريخ الصحيح ، فالواضح جداً فى سفر المكابيـــين الثالث ، أكثر مما هو واضح فى سفر المكابيين الثاني، أن الكاتب كان يهدف إلى نقل انطباعات معيــــــنة، وليس إلى كتابة تاريخ .
ففي الكتاب الكثير من الأمور غير المحتمل حدوثها.
 ومن الواضح أننا أمام خليط من الأساطير والخرافات المصوغة في أسلوب ركيك لإثــــبات بعض الأفكار التي أراد الكاتب أن يشحن بها عقول قرائه. ومع ذلك فإن وراء ما في الكتــــاب من خيال، توجد بعض الحقائق:
١ - إن ما جاء فيه عن"بطليموس الرابع"من أنه كان يتصف بالقسوة والتقلب والـتخنث يؤيده ما جاء فى تاريخ"بوليبيوس"( ٢٠٤ -١٢١ ق.م. ) ،وفي بعض كتابات " بلوتارك ".
٢ - إن الخبر الموجز عن الحرب بين بطليموس الرابع وأنطيوخس الثالث،وهزيمة أنطـيوخس في رفح، يتفق بشكل عام مع ما كتبه بوليبيوس ويوستينوس.
٣ - جاء في هذا السفر أن بطليموس أمر بإطلاق ٥٠٠  فيل مخمور على اليهود الذين أحضرهــــم مقيدين إلى ميدان السباق في الاسكندرية، ويذكر يوسيفوس أن بطليموس السابع(فيسكون ) ملك مصر ( ١٤٥ -١١٧ ق.م. ) أمر بإحضار يهود الاسكندرية، رجالاً ونساء وأطفالاً، مقيدين وعراة، إلى مكان مسور، وأطلق عليهم قطيعاً من الفيلة،التي انقلبت على رجاله،وقتلت عدداً كبيراً منهم، وكان الدافع له لذلك هو أن اليهود المقيمين في الاسكندرية قد ناصروا أعداءه.
 أما السبب الذى يذكره سفر المكابيين الثالث فهو لفشل بطليموس الرابع في تحقيق رغــــبته في الدخول إلى قدس الأقداس في الهيكل فى أورشليم .
 ولعل في ذلك إشارة إلى ما جاء في سفر المكابيين الثاني(٣ : ٩ -٣٩ ) عمَّا حدث مع هليودورس، الذي منعته عن الدخول إلى الهيكل قوة من الملائكة بطريقة معجزية.
٤ - إن قصة حبس اليهود في ميدان السباق ، يبدو أنه يتردد فيها صدى ما فعله هــيرودس الكبير في مناسبة مشابهة.
التعاليم المذكورة فى السفر وهدف كتابتها
 الأرجح أن سفر المكابيين الثالث كتبه يهودي اسكندري، عندما كان اليهود في الاسكـــندرية وما حولها يتعرضون لاضطهاد شديد من أجل ديانتهم.
 ويبدو أن هدف الكاتب كان تعزية المضطهدين بتقديم أمثلة لوقوف الله بجانب شعبه لينـجيهم من أيدي أعدائهم . والكتاب يخلو من أي إشارة إلى قيامة الأجساد والحياة الآتية، ولكنه يحتوي على الإيمان بوجود الملائكة. كما أن الكاتب يبدي ثقة كبيرة في قوة الصلاة، وأن الله يقف على الدوام بجانب شعبه غافراً لهم كل تمرد وعصيان، وينجيهم.
الكاتب وزمن كتابته للسفر
 من أسلوب السفر فى اليونانية، واهتمام الكاتب بيهود الاسكندرية، ومعرفته الواضحة بالأحــوال فى مصر، يمكن القول بأن الكاتب كان يهودياً يقيم في الاسكندرية. والتاريخ المرجح للكتـــابة هو القرن الاخير قبل الميلاد.
 وحيث أن هناك إشارة إلى الإضافات لسفر دانيال ، فلابد أن الكتاب كتب قبل ٧٠ م، فلو أن الهيكل كان قد دُمِّر ، لما كان في إمكان الكاتب أن يشير إلى استمرار الخدمات في الهيكل. ويظن كثـيرون من العلماء أنه كُتب فى أثناء حكم الامبراطور كاليجولا(٣٧ -٤١ م )، عندما حـــــــــــــدث مثل هذا الاضطهاد:
اللغة الأصلية التى تمت كتابته بها
 يكاد العلماء يجمعون على أن المكابيين الثالث كتب أصلاً باليونانية. ويؤيد ذلك صـــــــــورته في الترجمة السبعينية المتأخرة .
وهو موجود فى النسختين الاسكندرية والفينسية كما سبق القول ( ولكنه لا يوجد فى النســـختين السينائية و الفاتيكانية ).
كما يوجد في معظم نسخ السبعينية المكتوبة بالخط المتصل ، وفى النسخة السريانية القديمة.
رابعـاً- سفر المكابيين الرابع :
السفر عبارة عن بحث فلسفي في سمو التفكير الديني الذي يتميز بالتقوى.
 ويوجد السفر في أقدم مخطوطات السبعينية ( السينائية و الفاتيكانية و الفينيسية وغيرها )، كما يوجد في القانون الكلارمونتاني ( القرن الثالث تقريبآ ) ، وفي قائمة الســــــــــتين كتاباً القانونية ( القرن الخامس تقريبآ ) ، وفي مختصر أثناسيوس( القرن التاسع ).
وقد اكتسب السفر هذا الاسم لأنه يصور ويثبت رأيه بأمثلة من تاريخ المكابيين . وإذ كان بعض الكتَّـاب المسيحييـن الأوائل ، مثل يوسابيوس وجيروم، يظنون أنه من تأليف يوسيفوس، أطلقوا عليه عنوان: " مقالة في سمو قوة العقل ".
قانونية السفر
 لعدم وجوده في الفولجاتا، لا تعترف به كنيسة روما، كما لا يوجد بين أســـــــفار الأبوكريفا عنـد الكنائس البروتستانتية رغم وجوده في المخطوطات السبعينية الرئيسية كما سبق القول ، ورغــم أنه- على ما يبدو – كان يحظى بالتقدير من بعض آباء الكنيسة.
محتواه التعليمى
 إن وجهة نظر الكاتب الفلسفية هى وجهة نظر رواقية، أي أن عقل الإنسان الفاضل ، يســــــيطر على عواطفه. وتعليمه عن الفضائل الأربع الرئيسية:"حسن التدبير، العدالة، الجَلَد، والاعـتدال" ، تعليم مأخوذ عن الرواقيين، ومع ذلك فهو ينهج نهج اليهود الأرثوذكس ( قويـــــــــمي الرأي ) فالعقل المسيطر هو العقل الذي يسترشد بشريعة الله، التي في سبيل الحفاظ عليها مات الشهداء. وما الفضائل الأربع إلا صور من الحكمة الأصلية التي لا تكتسب إلا من شريعة موسى.
وعلاوة على ذلك على فإن العواطف لا يُقضى عليها ، كما يقول الرواقيون، بل تُنظَّم ، حيــــث أن الله هو الذي غرسها في الإنسان.
الكاتب وعلاقة ما كتبه بالتاريخ
 يقول يوسابيوس وجيروم وغيرهما من قدماء الكتَّاب ، إن مؤلف سفر المـــــــــكابيين الرابع هو يوسيفوس ، ففي النسخ اليونانية من كتبه، يشغل هذا السفر الفصل الأخير تحت عنوان " مبحث فلافيوس يوسيفوس، فيما يتعلق بالقوة السامية للعقل ". ولكن ينفي ذلك الأسلوب والفكر، فهـما يختلفان تماماً عمَّا فى الكتابات المعروفة لذلك المؤرخ اليهودي.
 علاوة على ذلك فإن المؤلف يستخدم- بكثرة – سفر المكابيين الثاني الذى لم يكن ليوســـــيفوس علم به. بالإضافة إلى أن ثمة تقاليد قديمة أخرى تنفي ذلك.
ولكن لابد أن الكتاب كان يهودياً ، والأرجح أنه كان ينتمي إلى الفريســــــــــيين، وكان من أنصار الثقافة اليونانية ، إذ يعكس تأثير الفكر اليوناني ، أكثر من أي سفر أبوكريفي آخر. كما يبدو أيضاً أنه كان يقيم في الاسكندرية ، لأن الملاحظات الأولى الواردة فيه موجودة فى كــــــتابات من أصل اسكندري. كما أنه يعتمد كثيراً على سفر المكابيين الثاني الذي صدر من الاسكندرية.
ومن العسير جداً أن نحدد تاريخآ لكتابتة، ولكنه كتب بكل تأكيد – قبل تدمير الهيكل في 70م، بعد كتابة سفر المكابيين الثاني، الذي يعتمد عليه كثيراً . ولعل النصف الأول من القرن الميلادي الأول هو أنسب تاريخ لكتابته.
اللغة الأصلية التى تمت كتابته بها
 يجمع العلماء على أن لغة هذا السفر الأصلية هي اليونانية، فهو يستخدم الكثير من مصطلحـــات الفلسفة اليونانية، كما أنه يحمل جميع خصائص الأدب اليوناني الذي كتب في الاســـــــكندرية فى بداية العصر المسيحى.
خامسـا- سفر المكابيين الخامـس:
كان يسمى قبلاً : سفر المكابيين العربي الثاني ( وصدر بهذا الاسم فى نســــــــختي باريس ولندن متعددتي اللغات ). ولم يعترف اليهود ولا المسيحيون بقانونيته.
محتــوياتـه :
 السفر في ظاهره تاريخ اليهود من وقت محاولة هليودورس تدنيس الهــــيكل (١٨٦ ق.م. ) إلى نحو 6ق.م.
وهو في حقيقته ليس إلا تلخيصاً غير دقيق،لسفرى المكابيين الأول والثاني ويوسيفوس(فيما عدا الأصحاح الثاني عشر)، فهو الجزء الوحيد الجديد في السفر ، ومع ذلك فإن به الكـــــــــــــثير من الأخطاء من كل نوع. ويختتم الأصحاح التاسع عشر بالأحداث المذكورة فى نهاية سفر المكابيــين الأول . أما الأصحاحات من ٢٠ -٥٩ فمأخوذة تماماً من يوسيفوس. ولعل السفر كان أصلاً ينـتهى بالأصحاح التاسع عشر .
تاريخيتــه :
 بما أن هذا السفر يلخص محتويات سفري المكابيين الأول والثاني وتاريخ يوسيفوس ، فقيـــمته التاريخية هي قيمة المصادر التي أخذ منها . ويسمي المؤلف جنود روما ومصر"المقدونيـين" ، ويسمى جبل جرزيم"ايزابل"ويسمى السامرة"سيبـسط"، وشكيم"نيابوليس" أو"نابلوريس". ويخلط بين اسمي هيرودس وبيلاطس. ولعل بعض الأخطاء جاءت نتيجة الترجمة.
لغته الأصلية :
الأرجح أنه كتب أصلاً بالعبرية نقلاً عن مذكرات عبرية، رغم عدم وجود أي أثر لأصـــله العبري، ولكنه وهو في اليونانية، يحمل طابع الترجمة عن العبرية، فتسمى أسفار موسى الخمـــــــــــــسة "بالتوارة". وتذكر أسفار الكتاب المقدس على أنها"الأربعة والعشرون سفرا"، والهـــــــيكل هو "بيت الله"أو"البيت المقدس"، واليهودية هي"أرض البيت المقدس"، وأورشليم"وهي مديـــنة البيت المقدس". وهذه وغيرها كثير، تدفع إلى القول بأن الكاتب كان يهودياً، وأنه كتب بالعبرية.
ويظن بعض العلماء أن الكتاب كُتب أصلاً بالعبرية نقلاً عن مذكرات عبرية.
الهدف من كتابته  كتب هذا السفر لتعزية اليهود فى وسط آلامهم، وتشجيعهم على الثبات في ولائهم لشـــــــــــريعة موسى. وهو نفس ما نراه في أسفار المكابيين الثاني والثالث والرابع، وبدرجة أقل في ســـــــــفر المكابيين الأول. ولكن كاتب هذا السفر أو جامعه، أراد أن يكتب شيئـاً يناسب القارئ اليــــــهودي ( أو العربي ربما ) أساساً. والكاتب يؤمن بقيامة الأجساد، وبالحياة الآتية والدينونة النــــــهائية، وأن الابرار سيكونون في المجد المستقبل، أما الأشرار فسيعاقبون.
من هو الكاتب وما هو تاريخ كتابته
 ليس ثمة ما يساعدنا على تحديد اسم الكاتب، ولكنه لابد كان يهودياً، وعاش زمـــــــناً بعد تدمير الهيكل في عام  ٧٠  م. ويستعين الكاتب كثيراً بكتابات يوسيفوس.
------------------ 
*٢٨٤   Parthians       *٢٨٥  Lysias      *٢٨٦ Akra       *٢٨٧  Demetrius I " Soter"   *٢٨٨  Alcimus         ٢٨٩ * Alexander Balas       *٢٩٠  Simon   
*٢٩١ John Hyrcanus      *٢٩٢   Aristobulus*٢٩٣   Jos., Ant, XII-XIV           
*٢٩٤  
 hammerer          
*٢٩٥ 
eradicators)
*٢٩٦    Cf. Beckwith, Canon, pp. 382-386; Bruce, Canon, pp. 44-45; also C. Maier, ‘Abschluss’, pp. 7-8.
*٢٩٧   (
41 Cf. Burkhardt, Inspiration, p. 130, referring to C.F. Hornemann, Observationes ad illustrationem
*٢٩٨  
doctrinae de canone Veteris Testamenti en Philone (Copenhagen, 1775), pp. 28-33.
*299 الأرشمندريت حنانيا الياس كساب " مجموعة الشرع الكنسى أو قوانين الكنيسة المسيحية الجامعة"ص 905 – 907 
*٣٠٠  
Eckhard Schnabel, “History, Theology and the Biblical Canon: an                Introduction to Basic Issues,” Themelios 20.2  (1995): 16-24
*٣٠١  Cf. Beckwith, Canon, pp. 382-386; Bruce, Canon, pp. 44-45; also C. Maier, ‘Abschluss’, pp. 7-8.*٣٠٢  Eckhard Schnabel, “History, Theology and the Biblical Canon: an Introduction to Basic Issues,” Themelios 20.2

خاتمة الجزء الثانى
الوافدون على أرض فلسطين


تمثال لأوغسطوس قيصر 


لم يكن للموارد الطبيعية دخل فى جذب الوافدين للتطفل بمحاولة الإستئثار بإستغلالها وإستعمارها ، بواسطة الأقوام المحيطين والمجاورين ، لتوليفة السكان الذين ارتضوا التعايش معآ فى هـــــذه الأرض ، فيما عدا حادث فريد حدث أثناء حياة إبراهيم وهو ما أطلق عليه الكتاب فى تكوين 14 إسم "كسرة كدر لعومر"، أى هزيمة كدر لعومر ، حيث وفد "أمرافل" ملك شـنعار ، و"أريوك" ملك الاسار ، و"كدرلعومر" ملك عيلام ، و"تدعال" ملك جوييم أو الأمم ، لمحــــــاربة "يارع" ملك سدوم ، و"برشاع" ملك عمورة ، و"شنآب"ملك أدمة ، و"شمئير" ملك صـــــبويم وبالع ، حيث أطاح الملوك الأربعة الوافدون ليس فقط بالأربعة المحليون المقيمون فى المنطقة بل ضربوا الرفائيين والزوزيين والإيميين والحوريين والعمالقة والأموريين، وكانت نتيجة الحرب الإستيلاء على "الآبار الحمر" وهى آبار للمادة البترولية الخام ، وقاموا بأسر القادة والجنود المحاربـــين وكان من بينهم "لوط" وقام "إبراهيم" بالتحالف مع الأموريين و"ملكى صادق" ملك شالــــــيم بمحاربة الملوك الأربعة ، وتحرير الرجال الأسرى ، والأرض بما فيها من آبـــــار حمر ، ولم تكن هذه الواقعة على قدر كبير من الأهمية لأنها لم تكن مُعَبِرة عن التوجه العام لدى الشعوب القديمة فى ذلك الوقت المحيطة بأرض فلسطين ، وإقتصر حديثنا عنها على نحو عابر فى الجزء الأول ، ولم نذكرها فى هذا الجزء لأن إقامة هؤلاء الأغراب فى أرض فلسطين لم تقــــــــتصر سوى على بضعة أيام قليلة، هى فترة تلك الحرب التى كان أساسها الطمع فى أحد الموارد الطبيعية فى أرض فلسطين ، ولكن فى ما عدا هذه الحادثة لم نجد ولم يذكر التاريخ بأن هناك أمة طمــــعت فى أرض فلسطين بسبب مواردها الطبيعية .
ولكن العاملان الرئيسيان اللذان كان لهما كبير الأثر فى جذب إنتباه الشعوب الغازية المُستَعمِــــرة نحو أرض فلسطين فقد كانا :
١ - الإستيلاء على الثروة البشرية ونتاجها ، والتى تمثلت فى قدرات ، ومقدرات الشعوب المقيمة فى أرض فلسطين سواء من خلال الجزية أو الضريبة التى كان يفرضها الغزاة لكى تزيد ثرواتهم وتثرى خزائنهم ، أو من ناحية الإستيلاء على أنماط من القوى البشرية الصالحة لإستغلالــهم فى تنفيذ مشاريعهم العمرانية أو الحربية والتوسعية،من خلال إجتلاب الأسرى من البنائون أو الفعلة أو الجنود لتحقيق طموح المستعمر فى بناء المنشآت والقصور ، ولتمكينهم من الإســــتيلاء على بلدان أخرى ، بتوفير العبيد ( على نمط المماليك فى العصور الأكثر حداثة وهم العــــــــــبيد الذين يشتريهم سادتهم بسبب توافر البنية الجسدية القوية والقدرة على القتال )  طمعآ فى المــــزيد من الجزية التى تؤول لخزائن تلك الدول ، وهذا التوجه الإسنعمارى هو الذى نلاحظه عند شــــــعوب المشرق فى توجهاتهم بخصوص أرض فلسطين فالآراميون والأشوريـــون والبابلـــيون والفرس وغيرهم كانوا يسعون لأرض فلسطين لأجل هذا الهدف.
٢ - الإستفادة من الموقع الإستراتيجى لأرض فلسطين بوصفها البوابة الرئيســــــــية لآسيا والتى تفضى إلى إفريقيا وكان هذا الإهتمام هو السبب الذى دفع الفراعنة للإهتمام بأرض فلســــــــطين لحماية مصر من الغزوات الأسيوية المتكررة بواسطة الحيثيين والهكسوس وسكان منــــــــــطقة الرافدين ، وقد كان هذا الهدف كذلك ، فيما بعد ، من وراء حرص ملوك وقادة وأباطرة شعـــــوب بلاد الرافدين على الإستيلاء على ولاء الأمم التى كانت تقيم فى أرض فلسطين لهم لــــــيكون هذا الولاء عاملآ مساعدآ لهم عند توجههم لمحاربة المصريين عبر المرور بأراضيهم ، وتقـــــــــديم الخدمات اللوجستية لهم بالمزيد من الجند أو العتاد أو الطعام أو الشراب .
وبالرغم من كون هذه الوفادة - للأمم الغريبة عن المنطقة - نوع من الظلم والهمجية التى حفرت ذكرياتها المؤلمة فى خبرات شعوب السكان بأرض فلسطين ، حتى صار السبى البابلى وذكــرياته له أثر واضح فى ثقافة العبرانيين حتى الآن ،  إلا أنها كانت لونآ من ألوان الصــــراع المعتاد بين شعوب العالم القديم ، بالإضافة لحدوث بعض الآثار الإيجابية ، رغم الظلم الذى تعرضـــت له هذه الشعوب ، وكان هذا الأثر ثقافيآ فى المرتبة الأولى ، فقد أدى ذلك ، كما لاحظنا فى كتـــــابات هذه الشعوب التى سكنت بلاد فلسطين آثار حضارات الشرق على تلك الكتابات ، وبالطبع أدى ذلك إلى حدوث نوع من أنواع الحوار بين الحضارات  وتبا دل الخبرات ، وإثراء المُكَّوِنـــــــــــات الثقافية لشعوب المنطقة.
وقد كان الإستعمار الرومانى الوافد من الشمال له أهداف أخرى بعيدآ عن هذين الغرضـــــــين .
فلم يكن طمعآ فى المُقَدَّرَات البشرية ، أو تأمينآ لبوابتهم الجنوبية ، ولكنه بدأ كدفاع عن هــجمات الفرس ، ثم تحول إلى محاولة لتوليف ومزج الثقافات الخاصة بشعوب المـــــشرق مع حضارتهم اليونانية ، فيما صار يُطلَقُ عليه إسم"الحضارة الهيلينستية"والتى ظن الرومان أنهم من خـلالها يمكنهم توحيد الرؤى الثقافية ـ التى نؤدى إلى :-
١  -  تحول دون حدوث أى صدام أيديولوجى فى المســـتقبل .

 ٢ - توسع دائرة حدود توسعهم الثقافى لإقامة مجتمع عالمى ينشد السلام والرقى الحضارى
٣ - تؤدى للرُقى بالحضارة الغربية من خلال تطعيمها بالجديد الذى لم يكن له وجود فيـــــــــها من فنون وآداب والمأخوذ عن ثقافات الشرق  .
ولكن هذه الأهداف النبيلة سرعان ما تبدلت عبر الزمن منذ عهد"أوغسطوس قيصر"ليتـــــــــخذ الغزو الرومانى نفس الأهداف الإستعمارية التى كانت تتبناها الدول المستعمرة من قبل سواء اهل الشرق (بلاد الرافدين) أو أهل الغرب ( بلاد مصروشمال إفريقيا ) .
ومع ذلك فلم يكن لدى أى فريق من هؤلاء الوافدون توجهآ لإستمرار الإقامة والإستعمار لـلأرض على نحو ما نرى فى الإستعمار الحديث مثل :  إستعمار هولندا لجنوب إفريقيا حيث لازالــت بقايا الهولنديون الأوائل يقيمون هناك كسكان توارثوا الأرض عن آبائهم وأجدادهم الأولـــــــــين الذين وفدوا يومآ ما على البلاد كمستعمرين ، أو ما نراه فى الأمريكتين ، وأستراليا ، أو فى صــــــورة الغزو العربى للشام وشمال إفريقيا .
 بل كان الإستعمار فى أعتى صوره ، وقت الغزو الرومانى عندما تحول للشكل الإمبراطـــــورى ، كان يتمثل فقط فى إقامة حاميات من العسكر التى  يتغير أفرادها من حين لآخر ، دون إختــلاط أو إمتزاج بينهم وبين شعوب المنطقة أو حتى محاولة الإقامة المستقرة والمستمرة ولو فى جاليات منفصلة .
إنتهى بنعمة الله الجزء الثانى
د.ق.جوزيف المنشاوى

المراجع


1-
H.Frankfort ,"birth of Civilization in the Near east " , 1951,pp100-111
2
" Albright " JPOS,VIII,1928 .
3
 (BAfig.25,pp28,29). 
4-   
 --J.A Wilson" ," Burden of Egypt ".
5-
Nicholas Grimal, A History of Ancient Egypt (Oxford: Blackwell Books), 1992
6-
Aidan Dodson & Dyan Hilton: The Complete Royal Families of Ancient Egypt. Thames & Hudson, 2004
7-Jacobus Van Dijk, 'The Amarna Period and the later New Kingdom' in The Oxford History of Ancient Egypt, ed. Ian Shaw, Oxford University Press paperback, 2002
8-
Aidan Dodson & Dyan Hilton: The Complete Royal Families of Ancient Egypt. Thames & Hudson, 2004
9-
Jacobus Van Dijk, 'The Amarna Period and the later New Kingdom' in The Oxford
10 -
History of Ancient Egypt, ed. Ian Shaw, Oxford University Press paperback, 2002
11
- J.R.Kupper "Mesopotomic au Tempes des Rois de Mari " 1957 . -. 
12- 
-S.Moscat " Vol I " . 1953,.
13-
 -M.Mc-Namara . " The Semites in Ancient History " , 1955 ,
 14- Albright " Archiv fur Orient forschung VI " , 1930 - 1 , -
15-
R.T.O'Cullaghan " Aram Naharaim " 1948 .
16-
A.Malamat " The Arameans in Aram Naharaim and the Rise of Their States " 1952.
17-
M.F. Unger , " Israel and The Aramaeans of Damascus " , 1957
18-
- Kitchen , "Hittite Hierologyphs , Aramaeans and Hebrew Traditions " Table IV , Landsberger " Sam'al I , 1948.
19-
- Albright " Archiv fur Orient forschung VI " , 1930 - 1 ,
20-
"The Assyrian Empire"CAH,III.1952
21-
G.Roux, Ancient Iraq,1964.
22-
S.Smith,Early History of Assyria to 1000 BC,1928
23-
S.A.Pallis,The Antiquity of Iraq"1956.
24- 
موسوعة حضارة العالم
 -أحمد محمد عوف
25-  آرام دمشق ومملكة إسرائيل: فراس السواح
26 -
  H.W.F.Saggs,"The greatness the was Babylion"1962 
27- 
M,E.L.Mallowan,"Twenty-Five Years of Mesopotamian Discovery",1956
28- قوة آشور: هنري ساكز / ترجمة د.عامر سليمان
29- 
D.J.Wiseman &J.D.Douglas(edit) his article " Assyria" in the N.B.D
30-
D.J.Wiseman&J.D.Douglas NBD
31 - 
S.N.Kramer,History Bigins at Sumer,1958,
32-
ANET.
33 -  
R.Ghirshman,Iran,
34-
A.R.Millard&J.D.Douglas his article on "elam"N.E.D.,
35-
CAH2,1963,I,fasc.23,IIfasc.29
36- 
  A.T.Olmstead ., History of Persian Empire , 1948
37-
J.Bright , A History of Israel, vol V, 1960
38- 
.DOTT,
39 - 
A.R.Millard &J.D.Douglas(edit), his article on "Persia" N.B.D ,
40-
Herodus VII,114,IX,108 f        
41-
J.Hoschander, The Book of Estherin the light of History ,1923
42-
H.H.Rowley Growth of the Old Testament,
43- 
G.H.Stevenson , Roman Provincial Adminstration,1940
44 -
A.N.Sherwin-White,Roman Society and Roman Practice,1963.
45- 
F.E.Adcock,Roman Political Ideas and Practice,1959
46-
A.H.M.Jones,Studies in Roman Government and Law, 1960
47- 
M.Rostocvtzeff, The Socialand Economic History of the Roman Empire, 1957
48-  
 Jos., Ant, XII-XIV
49- "
Beckwith, "Canon of old testament ,
50-
 Bruce, "Canon of the old testament "
51 -
 C. Maier, "Abschluss".
52-  (
Burkhardt, Inspiration, p. 130, referring to C.F. Hornemann, Observationes ad illustrationem
53-
doctrinae de canone Veteris Testamenti en Philone (Copenhagen, 1775).

54-  الأرشمندريت حنانيا الياس كساب " مجموعة الشرع الكنسى أو قوانين الكنيسة المسيحية الجامعة"
55-
Eckhard Schnabel, “History, Theology and the Biblical Canon: an                Introduction to Basic Issues,” Themelios 20.2  (1995): 16-24  

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق